قال الإمام ابن القيم في كتابه ( الفوائد )
(( تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تخلى عنك المولى فلا تظن أن العدو غلب ولكن الحافظ أعرض )) .
قلت :
● وفي هذه الكلمة الثمينة فوائد:
● منها : أنه ما كان لعدوك عليك من سلطان عندما كنت مع المولى ولكن بعد أن تخليت كان الجزاء أن تخلى الله عنك فأنت الذي أكسبته الجراءة عليك ببعدك عن راعيك .
● ومنها : أن الذنب دخل عليك بمصيبتين:
ـــــ الأولى : أن تخلى الله عنك ، فخذلك ، وأسلمك لعدوك ، فلست لحفظه ورعايته ، أهلاً ، فقد ضيعت الله ؛ ومن ضيع الله ضيعه الله ، وأَعْظِم بها من مصيبة .
ــــ الثانية : أَنْ تسلط عليك العدو فصرت بذنبك مملوكاً ، رقيقاً ، رهين عدو لا يرحم ، ولا يخاف الله فيك .
● ومنها : أن أعداء الله لا ينتصرون على أوليائه ، وأنه تعالى لا يُسْلم أوليائه ، فإن الله غالب وليس بمغلوب ، قال تعالى : ﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾(1) .
وقال أيضاً : ﴿ كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي . . . ﴾(2) .
فمن غالب الله غلبه الله ، (( ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلابِ )) .
إذن إنما دخل عليك عدوك ؛ بذنوبك ، ومعاصيك ، فدعها ولا تعن عدوك على نفسك .
وهذا لبيان حقيقة الداء فإن الداء الحقيقي الذي تعاني ولا تشكو(!) ؛ هو الذنب والخطيئة ، والغفلة عن الله ، والأماني الزائفة ، وتسويف التوبة ، واتباع الهوى .
وهذا الذي ذكرته أمر مهم جداً فيما أنت فيه فكن فَطِناً لَبيْباً ينعم الله عليك ، ويُنير لك الطريق .
(1) سورة الصافات الآية:173 .
(2) سورة المجادلة الآية:21 .